فيما تحاول المفوضية الأوروبية بلورة قرار موحد للبدء بفرض حظر أوروبي تدريجي على النفط الروسي، ضمن الحزمة السادسة من العقوبات المزمعة على روسيا التي تتم مناقشة فرضها من قبل بلدان الاتحاد الأوروبي، وسط الانقسام الحاد بينها حول الاقدام على هذه الخطوة.
أعلنت دول مثل هنغاريا والنمسا أن حظر النفط الروسي هو خط أحمر بالنسبة لها، ولا يمكنها القبول بمثل هذا القرار ولا الالتزام به.
ويرى مراقبون وخبراء أنه يكاد يكون مستحيلا التوصل لاتفاق أوروبي على البدء بفرض الحظر ولو جزئيا على النفط الروسي، لما سيترتب على هكذا قرار من تداعيات كارثية على اقتصادات منطقة اليورو، والرفع أكثر فأكثر من معدلات التضخم وارتفاع الأسعار وشح المحروقات في بلدانها، ما قد ينعكس على شكل اضطرابات سياسية واجتماعية داخلها.
وأشاروا إلى أن ثمة دولا محورية في الاتحاد الأوروبي كألمانيا وإيطاليا ستتضرر بشكل مباشر وبالغ جراء هكذا خطوة، وهو ما يعني وفقهم صعوبة تمرير أي قرار في اتجاه حظر واردات النفط الروسية للبلدان الأوروبية.
وللتعليق على ما يحدث ومدى حظوظ مقترح المفوضية الأوروبية بفرض الحظر على النفط الروسي بالقبول من جانب مختلف دول الاتحاد الأوروبي، يقول ماهر الحمداني، الباحث والخبير في الشؤون الأوروبية، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "التخلص من التبعية الأوروبية لمصادر الطاقة الروسية، هو موضوع جدلي شائك جدا في صفوف الكتلة الأوروبية والغربية بشكل عام، وهي غير منسجمة ولا متوافقة حول سبل التعاطي مع هذه القضية الحساسة، حيث هناك دول تعتمد بشكل شبه كلي على مصادر الطاقة الروسية من غاز ونفط وفحم، وثمة دول أخرى يمكن لها في المستقبل القريب الاستغناء في المستقبل القريب خاصة عن النفط والفحم الروسيين".
ويضيف: "كما أن هناك دولا أخرى استغنت تماما عن مصادر الطاقة الروسية كما هي الحال مع بريطانيا التي كانت تستورد فقط 8 بالمئة، من احتياجاتها من الطاقة من روسيا خلال 2020 وخلال العام الماضي تقلصت النسبة إلى 3 بالمئة فقط، ما جعل من اليسير عليها اتخاذ خطوات تصعيدية حيال روسيا كونها في غنى عن الطاقة الروسية، وهو ما تعجز عنه الكثير من الدول الأوروبية بسبب حاجتها الماسة للغاز الروسي خاصة".
فأكبر المتضررين في حال تخلي أوروبا عن موارد الطاقة الروسية، كما يوضح الخبير بالشؤون الأوروبية: "ستكون ألمانيا وايطاليا وهناك دول رضخت حتى لكافة الشروط الروسية، وأبرزها الدفع بالروبل الروسي كسلوفاكيا وهنغاريا والنمسا، وهناك حديث حتى عن أن ألمانيا أيضا تدفع بالروبل الروسي بطريقة أو بأخرى".
علاوة على أن ثمة دولا قطعت موسكو واردات الطاقة تماما عنها كبولندا، كما يشرح الحمداني، مضيفا: "وهي تعاني الآن من تبعات ذلك لكنها كانت قد احتاطت عبر سلسلة خطوات لتقليل حدة تلك التبعات، كما وأن بقية بلدان الاتحاد الأوروبي تضامنت معها لمساعدتها في هذه المحنة".
ولهذا يرى المتحدث أن "المشهد بالغ التعقيد، حيث سيحين في منتصف شهر مايو الجاري موعد دفع أثمان واردات الطاقة الروسية للبلدان الأوروبية، وحينها سيتضح من هي الدول التي يمكنها التخلي فعليا عن تلك الواردات أم لا، وهو سيكون الاختبار الأصعب أمام بلدان القارة العجوز، ولهذا تعقد المفوضية الأوروبية قمة لبحث هذا الملف، وهي أعلنت أنها في غضون 6 أشهر ربما ستتمكن من الاستغناء التام عن موارد الطاقة الروسية باستثناء الغاز".
وهو تعهد مشكوك فيه، كما يتوقع الحمداني، متابعا: "كون الكتلة الأوروبية تشهد انقسامات وتجاذبات حادة وعميقة حول هذا الموضوع، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي منح استثناءات من ذلك الحظر مسبقا لدول مثل سلوفاكيا وهنغاريا وربما لاحقا تستثنى دول كإيطاليا والنمسا وألمانيا، وربما يتسبب هذا الخلاف الأوروبي - الأوروبي حول حظر واردات الطاقة الروسية من عدمه، في تفكك الكتلة الأوروبية عمليا وتشظي وحدة القرار الأوروبي".
هذا وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قد أعلنت قبيل بدء اجتماعات الاتحاد الأوروبي أن المفوضية ستقترح كجزء من الحزمة السادسة القادمة من العقوبات، حظرا بشكل تدريجي على جميع واردات النفط الروسي إلى الاتحاد الأوروبي.
وسيتم حسبها تنفيذ الحظر المزمع تدريجيا حتى نهاية عام 2022، ومن ثم وقف مشتريات النفط الروسي كليا.