الاستثمارات الإماراتية الخارجية.. بناء جسور التنمية العالمية
- 2024-03-21 12:18:00
تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة عالمياً في مجال الاستثمارات الخارجية، حيث تمتلك خبرة طويلة ومتنوعة في استثمار رؤوس الأموال خارج حدودها.
تتبنى الإمارات استراتيجية متنوعة ومتعددة الأوجه للتوسع في الاستثمارات الخارجية، بهدف تحقيق التنمية المستدامة لاستفادة الاقتصاد المحلي ودعم الاقتصادات العربية والعالمية.
تنويع الاستثمارات هو أحد الأسس الرئيسية لاستراتيجية الإمارات في الاستثمارات الخارجية، حيث تسعى إلى توجيه الاستثمارات نحو قطاعات مختلفة ومتنوعة. يأتي هذا التنويع استجابة لمختلف التحديات والمخاطر الاقتصادية، حيث يُعتبر مصدراً للحماية والتوازن في الأداء الاقتصادي للدولة، و تقليص الانكشاف على الصدمات الخارجية.
كما تتبنى دولة الإمارات استراتيجية تحديد المناطق والبلدان التي تحمل أهمية استراتيجية تنموية، وذلك بهدف استغلال الفرص الاستثمارية المتاحة في تلك البلدان والمساهمة في التنمية الاقتصادية بها. واحدة من الأمثلة البارزة على هذه الاستراتيجية هي الاستثمارات الكبيرة في جمهورية مصر العربية.
يُشير مشروع رأس الحكمة كمثال على هذه الاستراتيجية، حيث تمثل هذه الاستثمارات مشروعًا ضخمًا بقيمة 35 مليار دولار، وهو أكبر استثمار مباشر في تاريخ مصر. وهو تحالف استثماري تقوده القابضة الإماراتية "ADQ"، ويهدف إلى تحويل التحديات الاقتصادية في مصر إلى فرص، مما يُضفي على الاقتصاد المصري عديداً من المؤشرات الإيجابية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل.
الاستثمارات في مصر، وغيرها من البلدان التي تحمل عمقاً استراتيجياً للمنطقة العربية، فرصة استثمارية مهمة لدولة الإمارات. إذ تسعى الإمارات من خلال هذه الاستثمارات إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الشقيقة والصديقة، وتحقيق التنمية المستدامة والمتبادلة.
أبعاد استراتيجية
من جانبه، أكد الوزير المفوض الدكتور منجى علي بدر، المفكر الاقتصادي وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة، أن:
*استثمارات الإمارات الخارجية لها أبعاد اقتصادية واستراتيجية وأمنية ومجتمعية؛ فهي أداة التوازن بين الحاضر والمستقبل وهي صوت العقل الرشيد في السياسة الخارجية للإمارات.
*أيضا هي ميزان من ذهب بين الحاضر والمستقبل، وكذا سفينة النجاة في عالم بدأت تظهر فيه إرهاصات نظام عالمي جديد ووسط توترات منطقة الشرق الأوسط .
وأضاف: فيما يخص البعد الاقتصادى للاستثمارات الخارجية للإمارات فهي استثمار فرص مربحة ذات قيمة مضافة عالية وأيضاً ضمان عائد دورى من الاستثمارات يتم ضخه مرة أخرى في الاقتصاد الإماراتي وتحفيز العامل البشرى وزيادة رغبته في التنافس دولياً مما ينقل المجتمع لمستويات ثقافية مناسبة للعصر.
وعلى صعيد البعد الاستراتيجي، أوضح أن ذلك التوجه يجعل من الإمارات لاعباً دولياً هاماً في العالم والمنطقة، ويزيد الثقل النسبي لسياساتها الخارجية، ويضمن الردع الكامل لأي تهديد (..).
وأشار إلى أنه فيما يتعلق بالبعد الأمني والمجتمعي للاستثمارات الخارجية، تعد الإمارات من أكثر الدول أمناً، كما أن المواطن الإماراتي يتمتع بترحيب كبير داخل وخارج بلده وجواز السفر الإماراتي "هو بوابة جنة الدنيا للمواطن".
وأشار إلى أن الاستثمارات الإماراتية في مصر مهمة لكلا البلدين وأسبابها متعددة تبدأ بعلاقات مميزة بين الشعبين والقيادتين وتنتهي بجدوى اقتصادية للاستثمارات في مصر، وإطارها تعاون استراتيجي متنامٍ كمثال عملي للتعاون الإيجابي بين دولتين شقيقتين، مضيفًا أن يوم 23 فبراير يعد يوماً مفصلياً للاقتصاد المصري بسبب توقيع صفقة رأس الحكمة بين مصر والإمارات وهي بداية مبشرة لمصر داخليا وخارجيا.
استراتيجية ناجحة
أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، السفير جمال الدين بيومي، يقول في تصريحات خاصة :
*إن استراتيجية دولة الإمارات للاستثمار الخارجي هي استراتيجية ناجحة سوف تدر بمزيد من العوائد الإيجابية على الاقتصاد الإماراتي في المرحلة المقبلة.
*الإمارات في هذا السياق تعد نموذجاً يستحق الإشادة، في ضوء إدارتها بصورة إيجابية لقطاع الأعمال، وفي ظل الطفرة الحالية التي تشهدها الدولة.
*استثمارات الإمارات الخارجية، لاسيما في مصر، ذات أبعاد استراتيجية مُهمة.. وتُستهدف زيادتها في المرحلة المقبلة بين الدول العربية، انطلاقاً من المصالح المشتركة التي تحقق بدورها عوائد جيدة لجميع الأطراف.
وأشار إلى أن الاستثمارات البينية العربية في الدول الرئيسية مثل الإمارات ومصر والسعودية، تتجه 80 بالمئة منها للخدمات مثل الإسكان، علاوة على قطاعات البنوك والفنادق وغيرها، ثم بعد ذلك استثمارات الصناعة والزراعة بنسبة أقل، مع وجود فجوة غذائية تقدر بنحو 50 مليار دولار سنوياً، الأمر الذي يتطلب سرعة معالجة ذلك الهيكل الاستثماري لخلق جاذبية أكبر على صعيد مختلف المجالات الاستثمارية المطلوبة.
*تتصدر دولة الإمارات المنطقة في الاستثمارات الخارجية.
*تقدر قيمة الأصول الإجمالية للاستثمارات الإماراتية في الخارج سواء حكومية أو خاصة بنحو 2.5 تريليون دولار حتى مطلع عام 2024، مما يجعلها ذراعاً اقتصادياً لا يستهان به في العالم وهي متجهه للزيادة، لاسيما أن الآفاق مواتية بوجه عام إلى فتح أسواق جديدة مع التركيز على الأسواق الناشئة وخلق شراكات استراتيجية شاملة، وفق الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، جمال بن سيف الجروان.
*دخلت دولة الإمارات مؤخراً عدداً من الشراكات والتحالفات الاستراتيجية ونافست على عدد من الصفقات والاستحواذات العابرة للحدود وهو جانب حققت فيه حضوراً قوياً في المشهد الاقتصادي الدولي.
وتلعب الشراكات المستدامة دوراً حيوياً في تنشيط النمو الاقتصادي من خلال زيادة الاستثمارات وتوفير الوظائف مما سيساهم في تقليل معدلات البطالة وتحسين الوضع الاقتصادي نحو مشروع تنموي طويل الأمد ويعزز فرص النمو المستدام.
وتشكل الاستثمارات الإماراتية زخماً واسعاً في دول عربية، لا سيما في جمهورية مصر العربية، وتقدم نموذجاً للعلاقات العربية-العربية، وما يفترض أن تكون عليه من أجل التنمية الأوسع.
وهو ما لفت إليه بيومي، والذي أفاد في تصريحاته بأن التجارة والاستثمارات العربية البينية متراجعة في مقابل تدفق نحو 70 بالمئة من المنتجات من الخارج إلى العالم العربي، لا سيما في 3 مجالات وهي الآلات الثقيلة، النقل والمواصلات والاتصالات بالإضافة إلى الغذاء. وبما يتعين التوسع في تلك الاستثمارات والعلاقات التجارية لتشمل القطاعات التي هي بحاجة إلى مزيدٍ من الدعم والتطوير في البلدان العربية.
وارتفع حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر إلى حوالي 65 مليار دولار بعد صفقة "رأس الحكمة"، بحسب الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، الذي ذكر في تصريحات نقلتها عنه "وكالة أنباء الإمارات الرسمية" أن"أصداء صفقة رأس الحكمة تتصدر المشهد الاقتصادي الإقليمي والعالمي حيث وقعتها الإمارات مع مصر كأكبر صفقة استثمار مباشر على مر تاريخها بقيمة 35 مليار دولار وهي رسالة ثقة قوية".
تنويع الاستثمارات
وإلى ذلك، أكد مستشار البنك الدولي، محمود عنبر، في تصريحات خاصة ، أن:
*الاقتصاد الإماراتي خلال الفترات الأخيرة يسعى للخروج من دائرة الاقتصادات المنكشفة (الأكثر تأثراً بالصدمات الخارجية).
*في سبيل ذلك، يعمل الاقتصاد الإماراتي على الابتعاد عن سيطرة قطاع واحد وتشكيله نسبة كبيرة من إجمالي الدخل القومي الخاص بها.. وبالتالي تتبع الدولة استراتيجية التنويع الاقتصادي.
وأضاف: دولة الإمارات تنتهج استراتيجية خاصة تستهدف من خلالها تنويع مصادر الدخل، وهي استراتيجية تنتهجها كثير من الدول الخليجية، إلا أن الإمارات كانت سباقة في هذا الأمر، خاصة فيما يتعلق بتنويع الاستثمارات الخاصة بها وتوزيعها على عديد من القطاعات المختلفة.
وأكد أن الاستثمارات الخارجية الإماراتية تنعكس بصورة مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الإماراتي، في ضوء ما يجنيه من أرباح وما ينتج من مخرجات عن هذه الاستثمارات بالتبعية سيعود بفوائد كبيرة على الاقتصاد الإماراتي بشكل كبير، وبالتالي يعكس قوة الاقتصاد الإماراتي والمزايا الاستثمارية على صعيد احتياطي النقد وتحويلات من عملات أجنبية، بالإضافة إلى توطين الصناعات داخل الإمارات.
وتُظهر عديد من دول العالم تظهر اهتماماً استراتيجياً خاصاً بالاستثمارات الإماراتية نظراً للعديد من العوامل الإيجابية التي تمتاز بها الاستثمارات الإماراتية، ولثقتهم العالية في القيادة الإماراتية وطبيعة المستثمر الإماراتي الحرفية، بحسب الجروان الذي قال: يوجد لدينا رأس المال والإدارة ونعمل حالياً في 90 دولة.. أتوقع أن تكون الهند وإندونيسيا ودول الآسيان ومصر والمغرب ودول وسط آسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا وكندا وبعض دول شرق أوروبا خاصة صربيا واليونان وتركيا محل اهتمامنا.
مزايا استثمارية
أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بكلية الدراسات القانونية والمعاملات الدولية، جامعة فاروس، الدكتور أحمد العجمي، أفاد في تصريحات خاصة بأن:
*توسع وتنوع الاستثمارات الخارجية هدف رئيسي لدولة الإمارات وأغلب دول الخليج عبر الصناديق الاستثمارية السيادية بها.
*يأتي ذلك في سياق تنويع الاستثمارات أيضاً (بما يشمل مختلف القطاعات).
*تسهم تلك الاستثمارات في عوائد مستهدفة واسعة، تساعد بدورها في تحقيق معدلات ربحية كبيرة، بالاستفادة من إطلاق حزمة مشاريع متنوعة في أسواق تتمتع بفرص استثمارية كبيرة في قطاعات مختلفة.
تتبنى دولة الإمارات استراتيجية متميزة في الاستثمارات الخارجية، تركز على التنويع، واستهداف المناطق والبلدان التي تمثل أهمية استراتيجية تنموية، بهدف تعزيز التعاون الدولي وتحقيق التنمية المستدامة على الصعيدين الوطني والإقليمي.
وأشار في هذا السياق إلى أحدث الاستثمارات الإماراتية في مصر وأكبرها على الإطلاق في تاريخ القاهرة، وهو مشروع "رأس الحكمة"، وفي ضوء مجموعة من المزايا الاستثمارية التي تزخر بها مصر، مثل توافر الأيدي العاملة وقلة تكاليفها، فضلًا عن التسهيلات المتوفرة لمثل هذه المشاريع الضخمة، مشدداً على استهداف الإمارات الاستفادة من السوق المصرية بما تشهده من معدل استهلاكي كبير، فضلاً عن المزايا المختلفة لمصر وموقعها الاستراتيجي.
ومشروع تنمية مدينة رأس الحكمة، هو مشروع تنموي ضخم باستثمارات إماراتية تبلغ 35 مليار دولار، وتصل الاستثمارات المتوقعة جراء تنفيذ المشروع على السنوات المقبلة إلى 150 مليار دولار.