الهلال النفطي الليبي..أهمية استراتيجية بمخطط أردوغان التوسعي
2020-07-14 14:07:02
وسط تصاعد الأطماع التركية في ذهب ليبيا الأسود، دعا مجلس النواب الليبي، الاثنين، القوات المسلحة المصرية للتدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري، وتأكيد التوزيع العادل لثروات الشعب وعائدات النفط، وضمان عدم العبث بثروات الليبيين لصالح الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، الأمر الذي يسلط الضوء مجددا على ضرورة مجابهة الأطماع التركية في البترول الليبي التي تعد الأضخم من حيث الاحتياطات في أفريقيا.
وأشار بيان مجلس النواب الليبي الأخير إلى أن التصدي للغزاة "يضمن استقلالية القرار الوطني الليبي ويحفظ سيادة ليبيا ووحدتها، ويحفظ ثروات ومقدرات الشعب الليبي من أطماع الغزاة المستعمرين، وتكون الكلمة الُعليا للشعب الليبي وفقا لإرادته الحرة ومصالحه العليا".
ولفت البيان أن البلاد تتعرض لتدخل تركي سافر وانتهاك لسيادة ليبيا بمباركة المليشيات المسلحة المسيطرة على غرب البلاد وسلطة الأمر الواقع الخاضعة لهم.
وجاءت دعوة مجلس النواب الليبي للجيش المصري للتدخل في ليبيا، عقب إعلان المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، السبت، عن شروط إعادة فتح الموانئ والحقول النفطية.
وقال المسماري في كلمة متلفزة، إنه ينبغي وضع آلية شفافة، وبضمانات دولية، لضمان عدم ذهاب عوائد النفط لدعم الميليشيات الإرهابية والمرتزقة.
ودعا إلى فتح حساب خاص في إحدى الدول، تودع فيه عوائد النفط، مع آلية واضحة للتوزيع العادل لهذه العوائد على كل الشعب الليبي وكافة الأقاليم.
وتمثل التحركات الليبية الأخيرة ردا على الأطماع التركية وتسخير أنقرة كل إمكانياتها في سبيل الحصول على النفط الليبي، حيث كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا، عن أهدافة الحقيقة للتدخل في ليبيا، وتحدث عن "حساسية" عملية السيطرة على مدينة سرت ومحيطها بسبب وجود آبار الغاز والنفط.
وسبقت تصريحات الرئيس التركي، تصريح وزير الطاقة التركي بأن بلاده تخطط لبدء عمليات التنقيب عن النفط داخل الحدود البحرية التي تم تحديدها بموجب اتفاق مع حكومة فايز السراج، في غضون ثلاثة إلى أربعة شهور.
وكان رئيس تركيا، أردوغان، ورئيس حكومة طرابلس فايز السراج، قد أبرما في نوفمبر الماضي مذكرتي تفاهم، إحداهما بشأن ترسيم الحدود البحرية، والأخرى أمنية تتيح إرسال قوات تركية إلى ليبيا.
وبعد التوقيع، بدأ أردوغان بإرسال مرتزقة من سوريا إلى ليبيا لدعم ميليشيات السراج في معارك ضد الجيش الوطني الليبي، بالإضافة إلى الأسلحة والخبراء العسكريين.
ولقيت المذكرتان رفضا إقليميا ودوليا لكونهما تتجاوزان صلاحيات السراج، كما أن الاتفاق البحري ينتهك قانون البحار، وذلك بسبب عدم وجود حدود بحرية بين الدولتين.
وحول أهمية ما يعرف بـ"الهلال النفطي" في الملف الليبي، أوضح الخبير النفطي الليبي عيسى رشوان في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تلك المنطقة تضم ما يقارب 80 في المئة من إنتاج ليبيا النفطي، و60 في المئة من الصادرات.
وأضاف رشوان قائلا: "يمتد الهلال النفطي من ميناء الزويتينة الذي تبلغ سعته التخزينية 6 ملايين برميل إلى ميناء البريقة ورأس لانوف الذي تبلغ قدرته التصديرية 220 ألف برميل يوميا، ومنها إلى السدرة التي تتسع لـ6 ملايين برميل وتتمتع باستطاعة تصدير تصل لـ440 ألف برميل يوميا".
وبيّن الخبير النفطي، أن نفط ليبيا يصنّف على أنه خام برنت المتوسط، ويتبع في تعاملاته لبورصة لندن النفطية، وتحدد كميات خام برنت المتوفرة في الأسواق سعر النفط علي مستوى العالم، لذا فمن يتحكم في الهلال النفطي يستطيع التأثير بشكل أو بآخر على أسعار النفط العالمية.
عمليات تهريب لصالح الميليشيات
تبرز أهمية "الهلال النفطي" الليبي إلى جانب تأثيرها الكبير على أسواق النفط العالمية، بكونها مصدر تمويل للميليشيات الإرهابية التابعة لحكومة فايز السراج، فضلا عن استغلال تركيا لها في توفير الرواتب للمرتزقة الذين تستقطبهم لقتال الجيش الوطني الليبي.
وحول هذه النقطة، قال رشوان: "تقوم الميليشيات بتهريب النفط في البحر المتوسط وتتعاون مع مافيات في هذا المجال، لتحقيق عوائد مالية".
وفيما يتعلق بأهمية النفط الليبي ضمن أجندة أردوغان، أشار الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن من يمتلك "الهلال النفطي" سيكون موقفه قويا من الناحية السياسية أيضا، لذا تسعى تركيا جاهدة لترسيخ تواجدها في تلك المنطقة، الأمر الذي سيمكّنها من نهب ثروات البلاد من جهة، والهيمنة على القرار من جهة ثانية.
وتابع أديب قائلا إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "يقاتل للسيطرة على سرت ذات الأهمية الكبيرة في مخططه الرامي للاستحواذ على الثروات الليبية، وبالتالي دعم حكومة فايز السراج المتحالفة معه سياسيا".
وأكد أديب أن تشديد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أن سرت والجفرة تمثلان "خطا أحمر" بالنسبة لمصر، نابع من تقدير القاهرة للأهمية الاستراتيجية لهما، إذ أن سرت تحتضن 16 حقلا نفطيا، من بينها حقل السرير، أحد أكبر الحقول النفطية في ليبيا، باحتياطيات مؤكدة تبلغ 4.8 مليار برميل.
وبيّن أشار الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن احتلال تركيا لسرت سيمكّنها من العمل بقوة على مشروعها التخريبي الرامي لإنشاء دولة متطرفة على غرار تلك التي أنشأها "داعش"، تأثيرها سيطال دولا كثيرة، وستموّل أنقرة مخططها بالمال الناتج عن النفط في الهلال.
ثروة ليبيا النفطية
تمتلك ليبيا أضخم احتياطات نفطية مؤكدة في قارة أفريقيا، وتحتوي أراضيها على أحواض وحقول وموانئ نفطية مهمة.
ويمثل النفط نحو 95 بالمئة من إجمالي الإيرادات في ليبيا، وتخطت إيراداته العام الماضي 22 مليار دولار.
ويؤمّن الجيش الليبي أهم حقول النفط في البلاد، وأبرزها حقل شرارة النفطي، الأكبر في البلاد، الذي ينتج زهاء 300 ألف برميل من النفط يوميا.
ويقع حقل الشرارة، المكتشف عام 1980، في صحراء مرزق جنوب طرابلس.
وليس بعيدا عن "الشرارة" يسيطر الجيش على حقل الفيل، الذي يوجد أيضا في حوض مرزق، ويغطي مساحة واسعة في الجنوب الغربي.
مكامن الثروة النفطية في ليبيا تكمن أيضا، في الهلال النفطي شمال شرقي البلاد، وتمتد المنطقة على طول مائتين وخمسين كيلومترا إلى الشرق، بين سرت وبنغازي، وتخضع لسيطرة الجيش الوطني، وتتمركز فيها أهم موانئ البلاد النفطية مثل ميناء السدرة ورأس لانوف والبريقة والزويتينة.
وفي المقابل، تسيطر الميليشيات فقط على حقل البوري البحري غربي طرابلس، ومصفاة الزاوية المجاورة له.