تردد دوي إطلاق نار كثيف في أنحاء الخرطوم مجددا اليوم الجمعة وقال مدنيون محاصرون في العاصمة السودانية الخرطوم إن الجيش وقوات الدعم السريع ما زالوا يتقاتلون رغم وقف إطلاق النار المعلن.
قال عثمان حسن (48 عاما) وهو من سكان أحد الأحياء الجنوبية على أطراف الخرطوم: "منذ أربعة أيام الكهرباء مقطوعة ونعيش في ظروف صعبة.. نحن ضحايا في حرب لسنا طرفا فيها ولا أحد مهتم بالمواطن". وفق ما ذكرت "رويترز".
وحتى الآن، لم يبد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان (حميدتي)، سوى القليل من الاستعداد علنا للتفاوض بعد مرور أكثر من أسبوعين على اندلاع القتال.
وأعلن الجانبان عن هدنة تنتهي في الثامن من مايو، لكن لا دلائل على صمودها.
وتسبب الانزلاق المفاجئ إلى الحرب في مقتل المئات وحدوث كارثة إنسانية ونزوح جماعي للاجئين إلى الدول المجاورة. كما يهدد باستقطاب قوى خارجية مما يزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل.
وتعرضت مصانع وبنوك ومتاجر للنهب أو التخريب في أنحاء الخرطوم وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه. وأفاد السكان بارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية.
أحياء خالية
وخلت أحياء بأكملها من سكانها الذين ينتابهم الخوف على منازلهم. وقالت آية الطاهر إنها فرت مع أسرتها إلى الأطراف الشمالية للعاصمة بعد أن أصاب الرصاص سقف منزلهم. وفق ما ذكرت رويترز.
وأضافت أنها تخطط كل يوم للعودة لمنزلها حتى لمجرد الحصول على المزيد من المواد الأساسية، لكن الوضع غير آمن تماما.
نهب مستشفيات
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن أحد مستشفيات الولادة الرئيسية في البلاد، وهو مستشفى الدايات في مدينة أم درمان المجاورة، ومستودع الإمدادات الطبية المركزي تعرضا للنهب واحتلته قوات أمس الخميس.
وأشارت إلى تضرر 17 مستشفى في المجمل جراء القتال وإخلاء 20 قسرا منذ بدء أعمال العنف. وأضافت أن 60 مستشفى من أصل 88 في الخرطوم خارج الخدمة وأن العديد من المستشفيات الباقية لا تقدم كامل خدماتها.
وقال محمد عثمان الباحث في الشؤون السودانية بهيومن رايتس ووتشفي تقرير "الطرفان المتحاربان يظهران استخفافا بأرواح المدنيينباستخدام أسلحة غير دقيقة في مناطق حضرية مأهولة بالسكان".
نهب المساعدات والغذاء
نشب القتال بسبب توترات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتبادل الطرفان الاتهامات بخرق سلسلة من عمليات وقف إطلاق النار. ولم يدل أي من الجانبين ببيان فيما يتعلق بالقتال اليوم الجمعة.
وقوض الصراع خطة مدعومة دوليا لإحلال الديمقراطية والحكم المدني بعد انتفاضة شعبية عام 2019 أطاحت بعمر البشير.
وضغطت الأمم المتحدة على طرفي الصراع لضمان المرور الآمن للمساعدات بعد نهب ست شاحنات.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن جريفيث إنه يأمل في عقد اجتماعات شخصية مع الجانبين للحصول على ضمانات تتعلق بقوافل المساعدات.
وقدّر برنامج الأغذية العالمي أن مساعدات غذائية قيمتها ما بين13 إلى 14 مليون دولار موجهة للمحتاجين في السودان تعرضت للنهب حتى الآن.
وانتشر القتال في أنحاء البلاد، ومنها منطقة دارفور.
وقالت هيزل دي ويت نائبة مدير مكتب برامج الطوارئ في مؤسسة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) لرويترز في رسالة بالبريد الإلكتروني "تعرض عدد من مرافق سلسلة التبريد للنهب والتلف والتدمير، بما في ذلك أكثر من مليون لقاح مضاد لشلل الأطفال في جنوب دارفور".
هروب الآلاف
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 100 ألف فروا من السودان دون مايكفيهم من الطعام والمياه إلى بلدان مجاورة.
ودعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الدول إلى السماح للمدنيين الفارين من السودان بدخول أراضيها. وقالت إليزابيث تان مديرة الحماية الدولية بالمفوضية للصحفيين في إفادة بجنيف "ننصح الحكومات بعدم إعادة الناس إلى السودان بسبب الصراع الدائر هناك ونقول إن هذه حركة لاجئين".
وقالت المفوضية إن أكثر من 56 ألفا دخلوا مصر عبر معبري قسط لوأرقين منذ أمس الخميس بينهم ما لا يقل عن 52500 سوداني، وفقا لأرقام وزارة الخارجية المصرية.
وقالت المفوضية أمس الخميس إنها تستعد لتدفق ما يصل إلى 860 ألف لاجئ وعائد من السودان وستحتاج مع شركائها إلى توفير مبلغ 445 مليون دولار لدعم النازحين حتى أكتوبر.
وقال رؤوف مازو مساعد المفوض السامي لشؤون العمليات بالمفوضية "الوضع الإنساني في السودان وما حوله مأساوي، هناك نقص في الغذاء والماء والوقود، ومن الصعب الوصول إلى وسائل النقل والاتصالات والكهرباء، فضلا عن ارتفاع حاد في أسعار المواد الأساسية".