أزمة كبيرة أثارها مشروب شعبي يعرف باسم "البوظة" ويطلق عليه "مزاج الغلابة"، بعدما تسبب في تسمم المئات بمحافظة قنا جنوبي مصر، مما استدعى تدخل السلطات.
وكشف مسؤول في وزارة الصحة المصرية ، أن التسمم لم يحدث بسبب مشكلة في تحضير "البوظة"، لكن بسبب طريقة حفظها، مشيرا إلى أن هذا المشروب "ليس مسكرا".
تفاصيل الأزمة
في الساعات الأولى من صباح الأحد، أعلنت النيابة العامة في مصر حبس بائع بوظة متجول 4 أيام على ذمة التحقيقات، لبيعه وتداوله مشروبات فاسدة في أماكن غير مستوفية لاشتراطات النظافة الصحية، وقبل الحصول على شهادة صحية من الجهة المختصة.
وجاء في تقرير النيابة أن:
هذا البائع تسبب في إصابة 382 شخصا بالتسمم بمحافظة قنا بعد تناولهم مشروب "البوظة" الذي أعده، فضلا عن ممارسته مهنة من دون الحصول على ترخيص من السلطة المختصة.
قررت النيابة ندب مفتش الأغذية لأخذ عينة من المشروبات لتحليلها، وبيان مدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
كانت النيابة العامة قد تلقت الجمعة إخطارا من مركز شرطة أبو تشت بتوافد أعداد من المصابين إلى مستشفى أبو تشت المركزي، وبدت عليهم أعراض التسمم إثر تناولهم مشروبا اشتروه من أحد الباعة الجائلين.
انتقل فريق من أعضاء النيابة لسؤال المصابين بثلاثة مستشفيات، فتبين إصاباتهم بالإعياء وآلام البطن والقيء وعدم الاتزان.
سألت النيابة العامة 11 مصابا وبعضا من ذويهم والفريق الطبي المعالج لهم، واجتمعت رواياتهم بشعورهم بالإعياء الشديد عقب تناولهم مشروب "البوظة" مصدره أحد الباعة الجائلين.
بسؤال الفريق الطبي المعالج تبين اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة نحو المصابين، وأن غالبيتهم خرجوا بعد تحسن حالاتهم.
تمكنت الشرطة من ضبط البائع المتهم وبحوزته 4 براميل بداخلها المشروب الذي باعه للمصابين.
أنكر البائع جميع التهم، وأوضح أنه اعتاد بيع مشروب "البوظة" منذ 30 عاما دون حدوث وقائع مشابهة، وجار استكمال التحقيق معه.
رؤية وزارة الصحة
من جانب آخر، قال وكيل وزارة الصحة في قنا راجي تواضروس، إن حالات المصابين جميعا تحسنت، وآخر حالتين كانتا بالمستشفى خرجتا صباح الأحد، ولم يسفر الحادث عن أي وفيات.
وتابع وكيل وزارة الصحة أن:
مشروب البوظة منتشر في قنا لا سيما في الأسواق الشعبية، يوم الجمعة على وجه الخصوص.
سعر المشروب رخيص قد لا يتعدى جنيها واحدا، مما يجعل عليه إقبالا كبيرا خاصة من الفقراء.
تتم صناعة البوظة بشكل أساس من الدقيق والخميرة والحليب وتقدم باردة.
رغم اشتهارها بأنها مشروب "مزاج" فالبوظة ليست مسكرة وليست مضرة صحيا بطبيعتها، وما حدث من تسمم وارد أنه حدث بسبب سوء طريقة الحفظ ففسد المشروب.
أخذنا عينات لتحليلها في معامل وزارة الصحة وبيان سبب التسمم على وجه التحديد.
ليس معنى أن البائع يعمل في بيع البوظة من 30 عاما أنه يعمل بشكل صحيح، ومن الوارد أن التسمم جاء بسبب تلوث أدوات صناعة المشروب.
هذا بائع متجول ويصعب السيطرة على من ليس له مكان معلوم، وبالتالي على الناس أن لا يضروا بصحتهم، وعليهم عدم الشراء ممن لا يتبع الاشتراطات الصحية.
لا يوجد قانون يمنع بيع البوظة لأنها ليست من المشروبات المحظور بيعها، لكن تتم محاسبة من يخالف الاشتراطات الصحية والإجراءات القانونية للحصول على التراخيص اللازمة.
مشروب فرعوني
وقال المؤرخ والصحفي محمود الدسوقي، إن "البوظة في الأساس مشروب فرعوني، ويشرب عادة لمقاومة الحر في الصيف".
وتابع أن "البوظة مشروب شعبي متأصل في منازل الصعيد، وتتكون من الخبز المخمر المضاف له السكر".
وأشار إلى أن "حالات التسمم هذه سببها غير مفهوم وتحدث لأول مرة، فقرية العضاضية بمركز أبوتشت التي شهدت الواقعة فيها سوق شعبي كل جمعة وينتشر فيه باعة البوظة منذ زمن، ولم يحدث أي ضرر منها سابقا".