عام على قانون الرقائق.. هل بات "النفط الجديد" في يد أميركا؟
- 2023-10-02 07:09:19
تستمر الولايات المتحدة الأميركية في تعزيز جهودها الرامية إلى استرجاع دورها الريادي في عالم تصنيع الرقائق الالكترونية، حيث تتحضر السلطات في بلاد "العام سام" حالياً لبدء توزيع جزء من الأموال التي خصصها قانون "الرقائق والعلوم"، لدعم انتقال مصانع الرقائق العالمية إلى الأراضي الأميركية، وذلك توازياً مع الذكرى السنوية الأولى لإقرار القانون.
وقد سن إقتراح "الرقائق والعلوم" من قبل الكونغرس الأميركي ووقعه الرئيس جو بايدن ليصبح بذلك قانوناً نافذاً في 9 أغسطس 2022، حيث تم بموجبه تخصيص مبلغ 280 مليار دولار أميركي، كحزم دعم لتعزيز البحث المحلي، وتصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة على مدى 10 سنوات.
وبموجب "قانون الرقائق والعلوم" تم تقسيم مبلغ 280 مليار دولار أميركي على الشكل التالي:
- نحو 200 مليار دولار لدعم عمليات البحث والتطوير العلمي والتسويق.
- نحو 52 مليار دولار لدعم عمليات تصنيع أشباه الموصلات والبحث والتطوير على الأراضي الأميركية.
- إعفاءات ضريبية بقيمة 24 مليار دولار على عمليات إنتاج الرقائق.
- 3 مليارات دولار للبرامج التي تدعم تطوير التكنولوجيا وسلاسل التوريد اللاسلكية.
خطة أميركا على الطريق الصحيح
وبينما يحتفل قانون "الرقائق والعلوم" بعيد ميلاده الأول، يبدو أن الخطة التي حبكتها أميركا بموجب هذا القانون، تسير على الطريق الصحيح لاستعادة "عرش" صناعة الرقائق التي تعتبر بمثابة "نفط المستقبل" أو "النفط الجديد".
وأعلنت العديد من شركات تصنيع الرقائق عن استثمارات تزيد قيمتها عن 200 مليار دولار في البلاد، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن مصانع الرقائق في أميركا ستكون قادرة في عام 2025 على تأمين نحو 18 بالمئة من الإنتاج العالمي للرقائق المتطورة.
ولطالما اعتبرت الولايات المتحدة في السابق، من رواد صناعة الرقائق الالكترونية في العالم، فهي كانت تسيطر على نحو 40 في المئة من هذه الصناعة في عام 1990، إلا أن حصتها في السوق تآكلت، لتصبح اليوم قرابة 10 في المئة، وهذا التراجع سببه انتقال إنتاج معامل الرقائق الإلكترونية من الأراضي الأميركية إلى الخارج، وتحديداً إلى دول شرق آسيا، وذلك بفعل انخفاض تكاليف الإنتاج والتشغيل هناك.
رقائق TSMC وسامسونغ بشعار "صنع في أميركا"
وحالياً تنفق شركة TSMC التايوانية العملاقة نحو 40 مليار دولار على بناء مصنعين في ولاية أريزونا الأميركية، فيما تستثمر شركة سامسونغ الكورية الجنوبية قرابة الـ 17 مليار دولار لتصنيع رقائقها في تكساس، ورغم أن هذه الشركات ليست بأميركية، إلا أن واشنطن تريد أن تحمل رقائق TSMC وسامسونج شعار "صُنع في أميركا".
وفي المقابل تلعب الشركات الأميركية أيضاً دوراً كبيراً في عودة صناعة الرقائق في البلاد إلى سابق عهدها، إذ ستنفق شركة إنتل، مبلغ 40 مليار دولار على بناء أربع مصانع في أريزونا وأوهايو.
وفي هذا الوقت تتحضر السلطات الأميركية لإنفاق حزمة قيمتها 39 مليار دولار، وقروض وضمانات قروض أخرى بقيمة 75 مليار دولار، وذلك للشركات التي لبت المعايير والشروط القاسية، للاستفادة من الدعم الذي يقدمه قانون "الرقائق والعلوم"، وأبرزها عدم قيام الشركات المستفيدة من التمويل، بزيادة إنتاجها أو توسيع مجال تصنيعها في الصين.
ويبلغ حجم سوق الرقائق الإلكترونية حول العالم، نحو 430 مليار دولار حالياً، وتعد تايوان وكوريا الجنوبية من أبرز اللاعبين في هذه السوق، إذ تسيطر تايوان لوحدها على أكثر من 60 بالمئة من الانتاج العالمي للرقائق، فيما تفوق حصة كوريا نسبة الـ 15 بالمئة، لتحل أميركا في المرتبة الثالثة بحصة 10 في المئة، ومن ثم الصين بحصة تقارب الـ 7 في المئة.
ورغم أن صناعة الرقائق الإلكترونية هي تحت السيطرة التامة لحلفاء أميركا، أي تايوان وكوريا الجنوبية، إلا أن واشنطن تريد إعادة هذه الصناعة إلى أراضيها، وأبعادها قدر الإمكان عن مناطق النفوذ الصينية، ففي ظل التحول الرقمي الذي يشهده العالم، باتت الرقائق الإلكترونية العصب الحيوي لصناعات متعددة، ولذلك ترى الولايات المتحدة الأميركية، أن تحصين البلاد بترسانة من معامل إنتاج الرقائق المتطورة، يحمي أمنها القومي ويمنع أي طرف في العالم، من شلّ قدرتها على التطور في مختلف المجالات.
فمن دون الرقائق الالكترونية التي هي عبارة عن قطع معدنية صغيرة مصنوعة من السيليكون، لا قيمة لأي منتج ذكي في العالم، حيث أن عدم توفرها، يعني أن الأجهزة الكهربائية والهواتف المحمولة والسيارات والطائرات وشبكات الاتصالات، ومراكز البيانات والحواسيب وأجهزة الانتاج في المعامل والأجهزة الطبية الحديثة، وأنظمة التسلح والطائرات والصواريخ الحربية والأسلحة النووية، لن تكون قادرة على العمل.
ويقول الخبير في التحول الرقمي ربيع سعادة، في حديث له ، إنه بعد عام على توقيع الرئيس الاميركي على قانون "الرقائق والعلوم"، دأبت شركات إنتاج الرقائق العملاقة، مثل TSMC وإنتل وسامسونغ، على التخطيط لافتتاح مصانع لها في الولايات المتحدة للاستفادة من مفاعيل القانون، ولكن رغم التحفيزات الممنوحة بالقانون، فإن هذه الشركات وجدت أنها ستواجه تحديات أساسية قد تؤثر على أرباحها المستقبلية.