ما هي المخاطر الاقتصادية لو استجاب الفيدرالي لضغوط ترامب؟
- 2025-04-22 09:30:54

بينما تتأرجح الأسواق العالمية على وقع التصريحات النارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، يجد مجلس الاحتياطي الفيدرالي نفسه في مرمى ضغوط سياسية غير مسبوقة، تهدد استقلاليته التي طالما شكلت صمام أمان للاقتصاد الأميركي.
فقد وجّه ترامب انتقادات حادة لرئيس المجلس جيروم باول، متّهماً إياه بعدم الاستجابة لمطالبه المتكررة بخفض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع، معتبراً أن تردده في ذلك يُضعف القدرة التنافسية للاقتصاد الأميركي، ويقوّض فرص النمو في ظل الحروب التجارية التي أشعلها البيت الأبيض.
وفي وقت تتراجع فيه قيمة الدولار، وتُسجّل أسعار الذهب مستويات قياسية، تتحول قضية استقلالية الاحتياطي الفيدرالي إلى مركز صراع بين الاعتبارات الاقتصادية والحسابات السياسية. فهل يستجيب الفيدرالي لضغوط ترامب ويغامر بفقدان مصداقيته؟ وما المخاطر الكامنة وراء تسييس السياسة النقدية؟ ولماذا ترتعد الأسواق ويتلألأ الذهب كلما صعّد الرئيس الأميركي هجومه على البنك المركزي؟
وأشار مسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي، ومنهم أوستن غولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، إلى أهمية الحفاظ على استقلالية البنك المركزي، محذرين من التداعيات السلبية التي قد تنجم عن التدخل السياسي في السياسة النقدية، بحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" .
وفي المقابل، أوضح التقرير أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أكد أنه لا ينوي الاستقالة قبل انتهاء ولايته، وجدّد خلال كلمته أمام "النادي الاقتصادي في شيكاغو" أخيراً أن استقلالية البنك المركزي "مسألة قانونية"، مضيفاً: "لا يمكن إقالتنا إلا لأسباب محددة".
ويبلغ نطاق سعر الفائدة القياسي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي حالياً 4.25-4.50 بالمئة، وهو نفس المستوى منذ ديسمبر الماضي، بعد عدة تخفيضات في أسعار الفائدة أواخر العام الماضي. وأكد باول أن الاحتياطي الفيدرالي مستعد "لانتظار مزيد من الوضوح"، مشيراً إلى أن البنك "ليس مستعداً لتحريك السياسة في أي اتجاه أو بأي وتيرة حتى ينتهي ترامب من خططه في الرسوم الجمركية ويتضح تأثيرها على الاقتصاد بشكل أكبر".
وحذّر من أن سياسات ترامب في الرسوم الجمركية تثير مخاطر إخراج التضخم والتوظيف عن نطاق الأهداف التي يديرها البنك المركزي بتفويض من الكونغرس.
ويصعد الرئيس دونالد ترامب من انتقاداته لرئيس الاحتياطي الفيدرالي، معرباً عن استيائه من عدم خفض أسعار الفائدة وملمحاً إلى رغبته في إقالته. وقد أكد المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، أن فريق ترامب لا يزال يدرس إمكانية عزل باول، وفقاً لتقرير الوكالة الأميركية.
الدولار إلى أدنى مستوياته في 3 أعوام مقابل اليورو
وفي ظل هذا التصعيد، شهد الدولار تراجعاً ملحوظاً، حيث انخفض إلى أدنى مستوياته في ثلاث سنوات مقابل اليورو، وسجل أدنى مستوى له في سبعة أشهر مقابل الين، كما انخفض بنسبة 0.9 بالمئة مقابل الفرنك السويسري مع بداية الجلسة الآسيوية الإثنين، في ظل استمرار تفاقم أزمة الثقة في الدولار، بحسب رويترز.
وعزت الوكالة هذا التراجع إلى انخفاض ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأميركي بسبب خطط ترامب المحتملة لإعادة هيكلة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مما أثار شكوكاً بشأن استقلالية البنك.
ويرى محللون أن عدم رضا المستثمرين عن فكرة إقالة باول قد يتوسع ليشمل سحب رؤوس الأموال من الولايات المتحدة في حال استمرار التصعيد.
ارتفاع الذهب وتراجع مؤشرات وول ستريت
كما تسبب التوتر بين ترامب وباول في تراجع المؤشرات الرئيسية في "وول ستريت" بأكثر من 2 بالمئة في ختام جلسة الاثنين.
في المقابل، ارتفعت عقود الذهب إلى مستويات تاريخية متجاوزة مستويات 3500 دولار للأونصة، حيث يُنظر إليه كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي.
وقد حذرت السيناتورة إليزابيث وارن من أن إقالة باول قد تزعزع استقرار الأسواق المالية وتقوض الثقة في الاقتصاد الأميركي.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، ناقش ترامب سراً إقالة باول على مدى أشهر، لكن الوضع القانوني لعزل رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي غير واضح، نظراً لأن هيكلية البنك المركزي الأميركي مصممة لضمان استقلاله عن السلطة التنفيذية.
وأوضح التقرير وفقاً لمحللين أنه مجرد قدرة الرئيس على إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي ستضعف البنية التحتية المالية للبلاد.
مخاطر خفض الفائدة تحت ضغوط ترامب
وفي حديثه " قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد جميل الشبشيري: "إن دعوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخفض أسعار الفائدة تحمل في طيّاتها مخاطر كبيرة قد تهدد استقرار الاقتصاد الأميركي على المدى الطويل".
وأوضح أن خفض الفائدة بشكل مفرط يؤدي إلى "طفرة مصطنعة" تشبه، حسب وصفه، "حقن الاقتصاد بوقود صناعي". وأضاف: "في البداية، يبدو الاقتصاد وكأنه ينتعش، لكن هذا الانتعاش غير مبني على أسس قوية، وسرعان ما ينهار عند أول صدمة".
وأكد الدكتور الشبشيري أن استقلالية البنك المركزي مهددة إذا استجاب مجلس الاحتياطي الفيدرالي لضغوط السلطة التنفيذية، موضحاً أن "أي تداخل سياسي في السياسة النقدية سيؤدي إلى فقدان ثقة الأسواق وتقلبات عنيفة في الأداء الاقتصادي".
وأشار إلى أن الجمع بين خفض الفائدة وفرض الرسوم الجمركية يخلق موجتين تضخميتين متزامنتين، ما يضعف القدرة الشرائية للأسر الأميركية، ويؤدي إلى اضطراب في الأجور والأسعار.
وقال الخبير الاقتصادي الشبشيري: "إن تكرار استخدام أدوات التحفيز النقدي يُنشئ "اعتماداً مفرطاً على الدعم، ويغذي فقاعات في الأسواق المالية والعقارية. وتابع: "عند انفجار هذه الفقاعات، قد تدخل الولايات المتحدة في أزمة حادة".
وحذر من أن زعزعة الثقة بالدولار ستدفع المستثمرين للبحث عن بدائل آمنة كالمعادن الثمينة والعملات الرقمية، مما قد يفقد الدولار مكانته العالمية، ويقود إلى أزمة نقدية غير مسبوقة.
سكاي نيوز عربية