تسببت الاشتباكات الدائرة على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا في مقتل ما لا يقل 100 شخص، في مشهد يعيد إلى الأذهان الحرب التي دارت قبل عامين حول إقليم ناغورني كاراباخ، وراح ضحيتها أكثر من 6 آلاف قتيل.
تبادل الاتهامات
البلدان تبادلا الاتهامات ببدء المواجهات، إذ أعلنت وزارة دفاع أذربيجان في بيان، أن "50 جنديا أذريا قتلوا بعد استفزاز أرميني على نطاق واسع" عند الحدود بين البلدين.
وقالت وزارة دفاع أذربيجان: "على الرغم من وقف إطلاق النار، فتحت وحدات من القوات المسلحة الأرمنية نيران المدفعية على مواقع الجيش الأذربيجاني"، مشيرة إلى أنه "اتُخذت إجراءات للرد على هذه النيران".
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، مقتل 49 جنديا أرمينيا" خلال مداخلة أمام البرلمان في يريفان، مضيفا أنه "مع الأسف فإن الحصيلة ليست نهائية".
في إفادة أمام البرلمان، اتهم باشينيان قوات أذربيجان بـ"مهاجمة القوات الأرمينية في 7 مواقع على الحدود بين البلدين".
باشينيان أكد أن المعارك في المناطق الحدودية مع أذربيجان "لا تزال مستمرة رغم أن حدتها خفتت".
وأعلن أن بلاده توجهت إلى منظمة معاهدة الأمن المشترك ومجلس الأمن الدولي لمناقشة تطورات الأوضاع، كما طلبت من روسيا تفعيل اتفاقية الصداقة والتعاون "الدفاع المشترك"، بهدف تقديم الدعم لأرمينيا.
تعطيل اتفاق السلام
المحلل الأذري، أوكتاي بيرموف، قال إن بلاده "حاولت التوصل لاتفاق سلام مع أرمينيا"، مضيفا: "كان آخرها خلال الاجتماع الذي شهدته بروكسل، بين ممثلي أذربيجان وأرمينيا والاتحاد الأوروبي، حيث وافق رئيس الوزراء الأرميني على كل مطالبنا، وكان الأمر قد اقترب من توقيع اتفاقية السلام".
وأضاف بيرموف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "باشينيان لم يتمكن من المضي قدما في هذا الاتفاق بسبب التركيبة السياسية في بلاده، ولم يعد يملك القوة ولا الصلاحية لإقرار السلام، بسبب المعارضة الداخلية".
بيرموف اعتبر أن "السبب في تجدد الاشتباكات الحدودية هو وجود أطراف داخل الحكومة الأرمينية، ترفض التوصل إلى صيغة للسلام، ورفض الاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقا برعاية الشركاء الدوليين".
وتابع: "القوات الأرمينية فتحت النار على حرس حدود أذربيجان وقتلت 50 عسكريا، مما استلزم ردا من جانبنا".
"التوصل لحل سلام نهائي يلزم تكاتف دول الجوار لإقناع أرمينيا بالجلوس على طاولة المفاوضات مرة أخرى بفاعلية أكبر، وإشراك دول الجوار في هذا الحوار"، وفق بيرموف.
صراع الأرض والموارد
من جانبه، قال الباحث في الدراسات السياسية، محمود محمد، إن هناك "تخوفات من تطور الصراع الحدود إلى حرب شاملة في منطقة القوقاز، التي تعاني بالفعل من التوتر الدائم".
وشدد محمد على إمكانية أن "يؤثر ذلك عالميا على الأوضاع الاقتصادية والسياسية، خاصة لو ربطنا ما يجري هناك بما يجري في أوكرانيا، حيث تتقدم القوات الأوكرانية وتحرر مزيدا من الأراضي شرقي البلاد، مما يسبب إحراجا للجيش الروسي، ولا يمكن ضمان رد الفعل الروسي".
وأضاف لموقع "سكاي نيوز عربية": "الحرب السابقة أثبتت قدرة الطائرات المسيرة في الحروب الحديثة، حيث مكنت طائرات بيرقدار التركية حليفة أذربيجان من حسم الحرب لصالحها، وهو أمر لا تتماشى معه كثير من الأطراف الحكومة الأرمينية، وتريد إعادة السيطرة على قرة باخ مرة أخرى، لأن جوهر الصراع هو صراع على الموارد وعلى الأرض".
كما نوه إلى أن هناك "تحركات دولية متعددة من أجل وقف تطورات الأوضاع قبل انفجار برميل البارود في منطقة القوقاز".
دعوات التهدئة
طالب الاتحاد الأوروبي بوقف القتال، معلنا أن رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، الذي يقود وساطة بين يريفان وباكو، "سيتباحث مع الطرفين المتحاربين".
وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أجرى اتصالا بقادة أذربيجان وأرمينيا لحثهم على تحقيق السلام.
دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، البلدين إلى "اتخاذ خطوات فورية لنزع فتيل الأزمة".
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دعا نظيره الأذري، إلهام علييف، إلى "العودة إلى احترام وقف إطلاق النار"، وحثه خلال اتصال هاتفي على ضرورة "وضع حد للقتال".
صرح مستشار الكرملين، يوري أوشاكوف، بأن روسيا "قلقة للغاية وتدعو إلى ضبط النفس".
اجتمع مجلس الأمن التابع لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO)، التحالف العسكري بقيادة موسكو، مساء الثلاثاء، عبر تقنية الفيديو، بمشاركة فلاديمير بوتن، بناء على طلب يريفان، حسب الكرملين.