دراسة فرنسية تكشف تنامي النزعة الإسلاموية بين الشباب المسلمين وصعود تأثير جماعة الإخوان في تهديد مبادئ الجمهورية
- 2025-11-19 05:50:14
باريس -
أظهرت دراسة حديثة صادرة عن معهد “إيفوب” (Ifop) تزايدًا مقلقًا في توجهات الجيل المسلم الشاب في فرنسا نحو أكثر أشكال التدين تشددًا، مع صعود واضح في التأييد للأفكار الإسلاموية، وعلى رأسها توجهات جماعة الإخوان المسلمين التي باتت تحظى بقبول واسع داخل الفئة العمرية 15–24 عامًا.
ووفقًا لنتائج الاستطلاع، فإن نحو 42% من الشباب المسلمين يُبدون تعاطفًا مباشرًا مع التيارات الإسلاموية، مقارنة بـ33% لدى عموم المسلمين. وتشير الدراسة إلى أن ثلث الشباب تحت سن 25 عامًا يُظهرون تأييدًا مباشرًا لجماعة الإخوان المسلمين، ما يضعها في مقدمة الحركات الأكثر تأثيرًا على هذه الفئة.
صعود ثقافة التشدد ورفض قيم الجمهورية
وجاء في التقرير أنّ الالتزام بمظاهر التدين المتشدد شهد قفزة لافتة خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث ارتفعت نسبة ارتياد المساجد بين الشباب من 7% عام 1989 إلى 40% هذا العام، فيما ارتفع الالتزام الصارم بشهر رمضان إلى 83%، كما قفز ارتداء الحجاب بين الفتيات من 16% إلى 45%.
وتُحذّر الدراسة من انتشار ثقافة رافضة لأسس العيش المشترك، حيث يرفض أكثر من نصف النساء الشابات وأقل بقليل من نصف الشباب الذكور أحد أشكال الاختلاط الاجتماعي، مثل المصافحة أو تلقي العلاج على يد شخص من الجنس الآخر أو ارتياد المسابح المختلطة.
وتكشف الأرقام أيضًا عن تراجع تفضيل القوانين الجمهورية أمام المرجعية الدينية، إذ يرى 57% من الشباب المسلمين أن الشريعة أهم من قوانين الجمهورية الفرنسية، وهي نسبة غير مسبوقة تعكس تغيّرًا عميقًا في منظومة القيم لدى الجيل الناشئ.
الإخوان المسلمون… النفوذ الأكبر
ووفق الدراسة، تتصدر جماعة الإخوان المسلمين قائمة الحركات الدينية الأكثر قبولًا بين الشباب، متقدمة على الحركات السلفية والوهابية والتكفيرية، ما يعكس نفوذًا متزايدًا للشبكات المرتبطة بفكر الجماعة داخل الأوساط التعليمية والاجتماعية، خاصة تلك المنخرطة في التدريب الديني وبناء المؤسسات التربوية الخاصة.
ويحذّر الباحثون من أنّ تنامي الخطاب الإخواني يساهم في ترسيخ خطاب موازٍ للهوية الوطنية الفرنسية، يقوم على الانفصال الاجتماعي ورفض الاندماج، وهو ما يعتبره المراقبون تهديدًا مباشرًا لقيم الجمهورية ومبادئها في العلمانية والمساواة والحرية.
اتجاه متسارع ومرشح للتوسع
يشير معدّو الدراسة إلى أنّ عملية “إعادة الأسلمة” التي يشهدها المجتمع المسلم في فرنسا لا تتراجع مع الزمن، بل تتعمّق مع تجدد الأجيال. وتُظهر الإحصاءات أن التأييد للأطروحات الإسلاموية تضاعف تقريبًا خلال العقدين الماضيين، مع ارتفاع لافت منذ عام 2016، الفترة التي تزامنت مع تصاعد نشاط تنظيم داعش وتفاقم التوترات الهوياتية.
ويخلص التقرير إلى أنّ الشباب المسلم بات أكثر تمسكًا بهوية دينية متشددة في مواجهة ما يعتبره “مجتمعًا فرنسيًا معاديًا”، الأمر الذي قد يعمّق الشرخ الاجتماعي ويضع تحديات كبرى أمام مؤسسات الجمهورية.

