أعادت صورة فوتوغرافية تجمع القيادي التاريخي في جماعة الإخوان المسلمين يوسف القرضاوي مع زهران هاشم، المتهم الرئيسي في التفجيرات الانتحارية التي شهدتها سريلانكا، التساؤلات بشأن دور القرضاوي وأفكاره وكتبه وخطبه في إذكاء الحماس لدى تلك الجماعات التي تنظر إليه في غالبيتها كزعيم ومرشد روحي.
ويأتي هذا اللقاء ليسلط الضوء من جديد على الدور الذي لعبه الإخوان المسلمون، تنظيما ورموزا، كحاضنة أولى يتربى داخلها المتشددون على التطرّف وكراهية الآخر وتجهيز العناصر والمريدين لتنفيذ هجمات تحت مسوغ الجهاد والحاكمية والفرقة الناجية.
ولم يتضح بعد تاريخ ومكان الصورة، إلا أن الدلائل تشير إلى أنها التقطت بمكتب القرضاوي في العاصمة القطرية الدوحة، بعد زيارة قام بها زهران هاشم إلى قطر.
وستعيد الصورة الجدل إلى الواجهة بشأن دور قطر في إسناد الجماعات المتشددة، ما يعطي مشروعية جديدة للاتهامات التي توجهها الدول العربية الأربع المقاطعة إلى الدوحة بسبب دعم وتمويل وإيواء جماعات على القوائم السوداء للإرهاب، سواء الصادرة من دول إقليمية أو من دول غربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.
ورأس القرضاوي التنظيم الدولي للإخوان المسلمين المدعوم سياسيا وماليا من قبل الدوحة، قبل أن تتحوّل رئاسته إلى أحمد الريسوني.
ويستقطب التنظيم الجمعيات والتنظيمات الإسلامية المؤمنة بفلسفة الإخوان المسلمين السياسية في دول العالم، ويدعمها ماليا وتنظيميا.
وربط مراقبون لقاء القرضاوي بهاشم الذي يترأس جماعة التوحيد والنور والمتهم الرئيسي في تفجيرات سريلانكا، بفرضية تأثّر من قام بالهجمات الدامية، التي راح ضحيتها 359 قتيلا، بفكر الإخوان وتوجيهاتهم.
ويتساءل مراقبون سياسيون عن علاقة القرضاوي بزهران هاشم، وأي علاقة تربط التنظيم الدولي للإخوان بجماعة التوحيد؟
ولم يعلّق القرضاوي أو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن الصورة التي تجمع الأب الروحي للإخوان مع المتهم في تفجيرات سريلانكا الإرهابية، وتم تداولها بشكل واسع في وسائل الإعلام.
وتعيد هذه الصورة إلى الأذهان فتاوى القرضاوي الشهيرة التي أباح فيها التفجيرات الانتحارية التي كانت حركة حماس تلجأ إليها لتثبيت نفسها لاعبا في المشهد الفلسطيني، قبل أن ينقلب ليفتي بعكس ذلك. وكذلك فتاواه لإسناد الحركات المتشددة في سوريا، أو تلك التي تدعم العمليات التي تنفذها مجموعات إخوانية لاستهداف الاستقرار في مصر بعد ثورة يونيو 2013.
ويشير خبراء في حركات الإسلام السياسي إلى أن الصورة التي جمعت القرضاوي بزهران هاشم تفتح أبواب البحث والتحقيق بشأن علاقة الإخوان المسلمين كجماعة بالحركات المتشددة التي ظهرت في جنوب شرق آسيا، والتي دأبت منذ 11 سبتمبر على تنفيذ عمليات انتحارية ضد المدنيين الأبرياء.
ويعتقد هؤلاء أن الصورة بمثابة رسالة قوية لبعض الدول الغربية التي تستمر بإقامة فصل عبثي بين تيارات إسلامية متشددة وأخرى “مدنية” أو “ديمقراطية” مثل جماعة الإخوان التي يفسح المجال واسعا لأنشطتها الدعوية والتربوية ولعمليات الاستقطاب التي تقوم بها بين أبناء الجالية العربية المسلمة وتهيئتهم ليكونوا مشاريع إرهابيين بأفكار تحث على العزلة ومقاطعة المجتمع وكراهية القيم الغربية وتحميلها مسؤولية “انهيار القيم”.
وحذرت تقارير ودراسات غربية، بينها تقرير أعده معهد توني بلير لتغيير العالم في 2017، من الدور الذي تلعبه المدارس الخاصة والمراكز الإسلامية والتي تبدو في ظاهرها غير متطرفة، وضرورة خلق بيئة تعليمية تتحدى أفكار التطرف بشكل واضح.
وكانت السلطات السريلانكية قد أعلنت، بعد إجراء التحقيقات اللازمة لكشف ملابسات هذه الهجمات الإرهابية، أن زهران هاشم ينتمي إلى جماعة التوحيد، وأن هذه الجماعة هي إحدى الجهات الرئيسية المتورطة في التفجيرات، مشيرة إلى أنه كان يخطط للهجوم على المفوضية العليا الهندية في العاصمة كولومبو، في وقت سابق من الشهر الجاري، إلا أن العملية أُحبطت.
يشار إلى أن المغرب قد لعب دورا في الكشف عن هوية منفذي التفجيرات. وذكرت تقارير إعلامية هندية أن الاستخبارات المغربية زودت نظيرتيها في سيرلانكا والهند بمعلومات ساعدت في الكشف عن هوية منفذي التفجيرات.
وقالت وكالة “ايانس″ الهندية للأنباء إن “المغرب قدم معلومات استخباراتية مهمة إلى سريلانكا، ما مكن من التعرف على منفذي التفجيرات التسعة المرتبطين بتنظيم داعش”.
وأفادت صحيفة “أوتروك أنديا” الهندية بأن الرباط قدمت تلك المعلومات إلى كل من كولومبو ونيودلهي بعد 48 ساعة من التفجيرات، التي وقعت الأحد الماضي، وتبناها تنظيم “داعش” الإرهابي.
وأضافت أن “المغرب يحقق نجاحا في مجال محاربة الإرهاب والتطرف”.
وجماعة التوحيد والنور التي يرأسها زهران تنتمي إلى السلفية الجهادية، وانقسمت إلى فريقين؛ الأول هو جماعة التوحيد الوطنية الإسلامية وهذا الفريق معاد للبوذية، وله رأي في ضرورة تحطيم التماثيل، وهو الذي التقت قياداته في الصورة بيوسف القرضاوي، وهي متأثرة بأفكاره وخطبه الحاثة على “الجهاد”. أما الفريق الآخر فيحمل اسم الفريق جماعة التوحيد وهي الأكثر تشددا وتطرفا ولديها معتقدات راسخة باللجوء إلى العنف لتغيير المفاهيم بالقوة وهذه الجماعة تشبه في خطها الفكري والبنيوي تنظيم القاعدة.
واختارت الجماعة، التي لا توجد عنها معلومات كثيرة لالتزامها بالسرية التامة في تحركاتها، سريلانكا مسرحا لعملياتها في محاولة للانطلاق منها لنشر الأفكار الجهادية، مستغلة المشكلات السياسية والعرقية بشبه القارة الهندية وجنوب آسيا باعتبار أن ذلك يشكل بيئة خصبة لانتشار أفكارها واحتضان عناصرها والسعي من خلال تلك العمليات لإظهار نفسها كبديل لتنظيم داعش والقاعدة.
ويعكس تنفيذ هذه الجماعة لسلسلة تفجيرات دامية وإلحاق خسائر كبيرة في الأرواح، حجم قدراتها، فهي تضم عناصر انتحارية، وتقدم نفسها كجماعة إرهابية كبيرة بما يتيح لها الحصول على موارد مالية من القوى والجهات التي تدعم مثل تلك الجماعات بعد انحسار داعش والقاعدة والحركات الانفصالية في شبه القارة الهندية وجنوب آسيا.
وكالات.