المؤرخ بيني موريس: الفلسطينيون سيتغلبون على اليهود الذين سيهربون للغرب
2019-01-11 23:44:07
يعتبر البروفيسور بيني موريس أحد أهم المؤرخين الإسرائيليين الذين وثّقوا النكبة، من الجانب الإسرائيلي، حيث استخرج عددا كبيرا من الوثائق المحفوظة في الأرشيفات، وكشف بكتبه المجازر التي ارتكبتها المنظمات الصهيونية، ولاحقا الجيش الإسرائيلي، في العام 1948. وهو واحد من أبرز "المؤرخين الجدد"، الذين مارسوا التأريخ بعيدا عن الرواية الصهيونية، ووضعوا مصطلحات تتعلق بالنكبة لم يذكرها المؤرخون الصهاينة، مثل "مجازر" وطرد" و"تهجير" و"تطهير عرقي" أيضا.
بدأ موريس حياته المهنية كمؤرخ، يساريا، وحتى أنه دخل السجن العسكري لرفضه تأدية الخدمة العسكرية إبان الانتفاضة الأولى. واتهم بأنه "يساري" و"خائن" في إسرائيل. لكن في فترة لاحقة، خاصة بعد الانتفاضة الثانية، بدأ ينزح نحو أفكار اليمين ويكررها، ووصل به الأمر أن يصرح بأن زعيم الحركة الصهيونية ورئيس الحكومة الإسرائيلية الأول، دافيد بن غوريون، أخطأ لأنه لم يستكمل عملية تهجير الفلسطينيين من فلسطين وأبقى 160 ألف فلسطيني في "الدولة اليهودية".
وقال موريس في مقابلة أجرتها معه صحيفة "هآرتس"، نُشرت اليوم الجمعة، إنه "نزحت نحو اليمين بالمفهوم السياسي وليس التأريخي. وما زلت مؤرخا ولست سياسيا. والتغيير الذي حدث لي يتعلق بموضوع واحد، وهو الاستعداد الفلسطيني لقبول حل الدولتين، والتنازل عن قسم من أرض إسرائيل". وأضاف أن هذا التغيير حدث في أعقاب الانتفاضة الثانية، وأنه أدرك حينها أن الفلسطينيين لن يوافقوا على التنازل عن مطلبهم الأصلي "بالحصول على أرض إسرائيل كلها بملكيتهم وسيادتهم. لن تكون هناك تسوية إقليمية، لن يكون سلام على أساس تقسيم البلاد، وهذا نابع بالأساس من أن الفلسطينيين متمسكون برغبتهم في السيطرة على أرض إسرائيل كلها واجتثاث الصهيونية".
وبدا واضحا في المقابلة أن موريس يتجاهل ممارسات إسرائيل كدولة احتلال، ويتجاهل رفض قادة إسرائيل للتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، وكذلك امتناع رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحق رابين، عن تنفيذ اتفاقيات أوسلو. وهذا رابين نفسه، الذي يقول موريس إنه أمر بتهجير الفلسطينيين من اللد والرملة، في العام 1948.
وزعم موريس أن "من يقول إن (إيهود) باراك وبيل كلينتون قدما اقتراحا للفلسطينيين لا يمكنهم أن يقبلوه، فإنه يكذب" علما أن وزراء إسرائيليين رافقوا باراك في محادثات كامب ديفيد، في العام 2000، مثل الوزير حينها يوسي سريد، هم الذين يقولون ذلك. واعتبر موريس أن الفلسطينيين "يريدون 100% من أراضي أرض إسرائيل الانتدابية. وكانوا يتلاعبون وحسب عندما قالوا إنهم مستعدون لتسوية". وزعم أن "الحركة الصهيونية القومية وافقت على التسوية، في الأعوام 1937 و1947 و1977 و2008، على أساس دولتين للشعبين".
وفيما عبر الجانب الفلسطيني عن موقفه حيال حل الصراع من خلال الموافقة على حل الدولتين، في أوسلو، إلا أن موريس ادعى أن "رابين لم يكن بمقدوره تغيير الروح الأساسية للحركة الوطنية الفلسطينية، بأن أرض إسرائيل كلها لهم وأن اللاجئين يجب أن يعودوا إلى بيوتهم وأراضيهم. وإذا حدث هذا، فإنه سيحدث على أساس دمار إسرائيل". وادعى موريس، بعد هذه الأقوال، أنه ما زال يؤمن بحل الدولتين، لكنه اعتبر أن "هذا حل غير واقعي، ولن يتحقق".
في مديح نتنياهو
كمن يحمل أفكارا كهذه، يمتدح موريس رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. وقال إنه "لا يظهر في الأفق اليوم شخص قادر أو جدير باستبدال نتنياهو وأن يكون رئيس حكومة مقبولا على الشعب". وأضاف أن الانتقادات لنتنياهو لديه تقتصر على فساده، "ولا أوافق على أقواله غير الديمقراطية تجاه عرب إسرائيل. وممارساته في المجال الديني، وتوسيع المستوطنات وتعريف القومية اليهودية تسبب اغترابا لدى يهود الولايات المتحدة".
انتقد موريس "عدم استعداد نتنياهو للتحدث مع الفلسطينيين حول تسوية إقليمية. وهو لم يضع شيئا على الطاولة يمكن أن يجذبهم إلى البحث". لكن موريس أردف أن الهدف هو خداع الفلسطينيين والعالم، وقال إنه "حتى لو أن تسوية إقليمية مع الفلسطينيين ليست واقعية في هذا الجيل، كما كان في الأجيال السابقة، فإنه عليك أن تلعب اللعبة الدبلوماسية، حتى لو أنك تعلم أنها لن تقود إلى أي شيء، وذلك من أجل الحفاظ على تأييد الغرب. يجب أن تظهر كمن تنشد السلام، حتى لو لم تكن كذلك".
كذلك عبر موريس عن تأييده لسياسة نتنياهو تجاه إيران، لكنه أعتبر أن "أحد أخطاء نتنياهو الكبيرة كان أنه لم يقصف المنشآت (النووية) الإيرانية".
"جرائم القتل تعكس طبيعة المجتمع العربي"
كرر موريس موقفه من النكبة بأنه كان ينبغي تنفيذ تطهير عرقي كامل بحق الفلسطينيين، وقال إنه "لو أن حرب الاستقلال (1948) انتهت بفصل السكان بصورة مطلقة، أي عرب أرض إسرائيل في الجانب الشرقي لنهر الأردن واليهود في الجانب الغربي للنهر، لكان الشرق الأوسط أقل قابلية للانفجار، ولكانت معاناة الشعبين في السبعين عاما الأخيرة أقل. وكانوا سيرضون بدولة، ليست مثلما أرادوا، وكنا سنحصل على أرض إسرائيل كلها".
وكالات