صنعاء تحت النار.. إسرائيل تفتح جبهة اليمن وتبعث رسائل لطهران

  • 2025-09-11 11:03:54

في حلقة جديدة من مسلسل الاستهدافات التكتيكية، شنت إسرائيل غارات جوية على صنعاء، مستهدفة مقرات الحوثيين بما فيها وزارتي الدفاع والمالية، إضافة إلى معسكرات ومجمعات تخزين.

الغارات الإسرائيلية خلفت قتلى وجرحى، وأعلنت جماعة الحوثي توعدها برد قادم، في وقت أكدت فيه تل أبيب استمرارها في ضرب أي جهة تهدد أمنها.

العملية التي أطلق عليها الإسرائيليون اسم "عملية دق الأجراس" تشكل امتدادا لسلسلة ضربات تكتيكية سابقة استهدفت القيادات الحوثية في صنعاء، بما فيها اجتماع الشهر الماضي الذي ضم عشرة من كبار قادة الجماعة، من بينهم رئيس أركانها.

البعد العسكري للغارات الإسرائيلية

وفقًا لما ذكرته مصادر لرويترز، استهدفت الغارات الإسرائيلية وزارة الدفاع التابعة للحوثيين، إضافة إلى مواقع إعلامية للجماعة في وسط صنعاء.

كما شملت الضربات معسكرات ومجمعات تخزين أسلحة في مناطق متفرقة، بما فيها مديرية الحزم في محافظة الجوف. هذه العمليات تكتيكية بامتياز، إذ تهدف إلى توجيه ضربات موجعة للحوثيين وتثبيت الرسائل الإسرائيلية حول جدية الرد على أي اعتداءات تستهدف إسرائيل.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد أن الجيش استهدف مواقع الحوثيين وقواعدهم، مشيرا إلى أن تل أبيب ستواصل توجيه الضربات لكل من يهاجمها.

وفي السياق نفسه، شدد نتنياهو على أن العملية السابقة التي استهدفت اجتماع القيادات الحوثية كانت مؤثرة تكتيكيا، لكنها لم تمنع الحوثيين من الاستمرار في تهديد المصالح الإسرائيلية، كما يتضح من إطلاق الحوثيين مسيرات تجاه مطاري اللد ورامون، وأهداف أخرى بينها منشآت في ديمونا، وفق المتحدث العسكري للحوثيين.

أكد المستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، كوبي لافي، خلال حديثه إلى "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، أن الغارات الإسرائيلية تعكس قدرة استخباراتية دقيقة على تحديد مواقع قادة الحوثيين. وأوضح لافي: "إسرائيل أثبتت أن لها الاستخبارات بكيفية، وإذا استمر العدو بإطلاق صواريخ تجاهنا وضرب مناطق حساسة، فسوف يكون هناك تصعيد من قبل إسرائيل لمواجهة هذا التهديد".

وأضاف لافي أن إسرائيل لا تستهدف اليمنيين أو الحوثيين بشكل عشوائي، بل أن الضربات تأتي ردًا على أفعال منظمات إرهابية تمثل تهديدا لأمن إسرائيل.

وأوضح أن الحوثيين يعملون في إطار دعم من النظام الإيراني، وهو ما يجعلهم يمثلون تهديدا مباشرا لمصالح إسرائيل، مع الإشارة إلى أن الغارات الإسرائيلية تستهدف المصادر والقدرات التي يستخدمها الحوثيون لمهاجمة الأراضي الإسرائيلية.

وفي تحليله للاستراتيجية الإسرائيلية، أشار لافي إلى أن الهدف طويل المدى هو وقف الهجمات المستمرة على إسرائيل: "إذا استمر العدو في هذه السياسة، سيجد نفسه كما وجد حزب الله نفسه في لبنان، ولن يكون هناك مجال لتبرير أعماله أمام إسرائيل، التي أثبتت تفوقها التكنولوجي والعسكري والاستخباراتي".

كما نوه لافي إلى أن إسرائيل تتعامل مع التهديد الحوثي كجزء من منظومة أوسع يقودها النظام الإيراني، وأن الرد الإسرائيلي يستهدف تقويض القدرة على شن هجمات مستقبلية دون تعريض المدنيين اليمنيين لمخاطر غير مباشرة إلا بالحد الأدنى.

الرد الحوثي وتهديدات المواجهة

من جانبها، أعلنت جماعة الحوثي سقوط قتلى وجرحى جراء الغارات، مع التهديد برد قادم. تصريحات الجماعة أكدت استمرارها في إطلاق صواريخ ومسيرات على إسرائيل، وهو ما يعكس رغبتها في الاحتفاظ بالقدرة على الرد على الضربات الإسرائيلية.

هذا التبادل التكتيكي يعكس استمرار حلقة التصعيد، حيث تحاول إسرائيل تثبيت معادلات الردع، في حين يسعى الحوثيون للحفاظ على موقعهم كطرف قادر على تهديد مصالح تل أبيب.

الأبعاد السياسية والرسائل الإقليمية

الغارات الإسرائيلية على اليمن ليست مجرد عمليات عسكرية، بل تحمل رسائل سياسية واضحة. وفق تصريحات كوبي لافي، الغارات تهدف إلى توجيه إنذار ضمني للنظام الإيراني وكل من يمد الحوثيين بالقدرات العسكرية: "هناك أبعاد أخرى، إسرائيل يجب عليها أن تثبت للعالم، وبالأخص لكل من يواصل الأعمال بأوامر من النظام الإيراني، أنه لن يكون له المكسب إذا استمر في هذه الطريقة".

ويؤكد لافي أن هذه الضربات تأتي في إطار استراتيجية أوسع تهدف لوقف الهجمات على المصالح الإسرائيلية، بما في ذلك تهديد الملاحة في البحر الأحمر والمنشآت المدنية والعسكرية.

ويشير تحليل لافي إلى أن استمرار الهجمات من الحوثيين سيكون مبررا لمزيد من العمليات الإسرائيلية، وهو ما يعكس نهج الردع الإسرائيلي المستمر ضد التهديدات الخارجية.

المقاربة التكتيكية.. الغارات والتحكم في التصعيد

كوبي لافي شدد على أن إسرائيل لا تسعى للحرب الشاملة على اليمن، بل تركز على استهداف القدرات التي تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإسرائيلي.

ويضيف لافي أن هذه المعادلة لا تهدف لإلحاق الضرر بالشعب اليمني، بل لوقف الأنشطة العسكرية للحوثيين التي يوجهها النظام الإيراني.

كما أشار إلى أن إسرائيل ستواصل توسيع نطاق الضربات إذا لم يتوقف هذا النشاط العدائي، مؤكداً على التفوق العسكري والتكنولوجي الإسرائيلي كعنصر ردع أساسي.

التوازن بين الردع والاستراتيجية طويلة المدى

يتضح من خلال تصريحات كوبي لافي، أن إسرائيل تعتمد على مزيج من القدرة الاستخباراتية الدقيقة، الضربات التكتيكية، ورسائل الردع السياسي، بهدف حماية أمنها ومنع أي تهديد مستقبلي من الحوثيين أو أي تنظيمات ممولة من إيران.

لافي شدد على أن إسرائيل لا ترى اليمن كعدو بحد ذاته، وإنما ترى في الحوثيين وكوادرهم المدعومين من إيران تهديدًا لمصالحها، وهو ما يبرر العمليات الجوية الحالية كجزء من سياسة الردع الاستراتيجية.

كما أشار إلى أن استمرار الهجمات الحوثية على الأراضي الإسرائيلية سيجعل الردود الإسرائيلية أكثر تصعيدًا، بما في ذلك استهداف القدرات الأساسية المستخدمة في مهاجمة إسرائيل، مؤكدًا على أن إسرائيل تمتلك القدرة التقنية والعسكرية على تنفيذ هذه العمليات بشكل دقيق وفعال.

متعلقات