مؤتمر في باريس حول الأوضاع في لبنان: دعوة إلى “سيادة إصلاحية” وقيام دولة المواطنة

  • 2025-10-21 07:52:52

باريس- نظّمت لجنة التنسيق اللبنانية – الفرنسية (CCLF) يوم أمس، الاثنين، في بلدية الدائرة الخامسة عشرة في باريس، مؤتمرًا حواريًا حول الأوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان، شارك فيه عدد من الشخصيات الأكاديمية والمهتمين بالشأن اللبناني، من بينهم الدكتور زياد الصايغ، المدير التنفيذي لـ “Civic Influence Hub” (CIH) في بيروت، الذي ألقى كلمة محورية تناولت عمق الأزمة اللبنانية وآفاق الخروج منها.

في مستهلّ كلمته، وجّه الصايغ تحية تقدير إلى لجنة التنسيق اللبنانية – الفرنسية على مبادرتها في تنظيم المؤتمر في “مرحلة مفصلية يمرّ بها لبنان”، معربًا عن امتنانه لفرنسا على مواقفها الثابتة ودعمها المتواصل للقضية اللبنانية، مشيرًا إلى أن “الصداقة اللبنانية – الفرنسية تمثل ركيزة أساسية في الدفاع عن قيم الحرية والسيادة والديمقراطية”.

وأكد الصايغ أن لبنان يقف اليوم على مفترق طرق حاسم بعد عقود من “الشلل السياسي المزمن، والفساد المستشري، وهيمنة قوى مسلّحة غير شرعية أدّت إلى تفريغ الدولة من سيادتها وشرعيتها”، مضيفًا أن “صمود اللبنانيين لا يمكن أن يكون بديلاً عن قيام الدولة، بل يجب أن يتحول إلى قوة دافعة لإعادة بناء وطن قائم على السيادة والشرعية والمواطنة”.

ودعا الصايغ إلى اعتماد مفهوم “السيادة الإصلاحية” التي تقوم على تلازم العلاقة بين حقوق الأفراد ووظائف الدولة، مؤكدًا أن “الإصلاح ليس شعارًا دبلوماسيًا، بل فعل سيادي بامتياز، هدفه إعادة الاعتبار إلى الدولة كضامن وحيد للأمن والعدالة والخدمة العامة”. وشدّد على أن “اللبنانيين يحتاجون إلى دولة حقيقية، برجالها ونسائها، تُعيد حصر السلاح بيد المؤسسات الشرعية، وتفرض سيادتها على الحدود كافة، وتستعيد الثقة بين المواطن والدولة”.

كما تناول الصايغ ضرورة إرساء إصلاحات بنيوية في القضاء والإدارة والمالية العامة، معتبرًا أن “لا دولة قانون من دون قضاء مستقلّ”، ومطالبًا بـ “حماية القضاة من الضغوط السياسية وكشف الحقيقة في جريمة انفجار مرفأ بيروت”. وأكد أن “إعادة بناء الدولة تمرّ عبر حوكمة شفافة، واسترجاع الأموال المنهوبة، ووضع المواطن في صلب أولويات السياسات العامة في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والبنى التحتية”.

وفي ما يتصل بالسياسة الخارجية، دعا الصايغ إلى اعتماد “الحياد الإيجابي” في مقاربة العلاقات الدولية والإقليمية، بعيدًا عن الاصطفافات والمحاور، مشددًا على أن “الديبلوماسية اللبنانية يجب أن تخدم سيادة الدولة ومصالحها العليا، وتعيد بناء جسور التعاون مع العالم العربي والبحر الأبيض المتوسط وأوروبا”.

وختم الصايغ كلمته بالتشديد على أن “لبنان لا يمكن أن ينهض إلا بتكامل ثلاثة عناصر أساسية: السيادة التي يضمنها دولة قوية وشرعية، والشرعية التي تترسخ من خلال حوكمة عادلة وشفافة، والمواطنة الجامعة التي تتجاوز الانتماءات الطائفية وتوحّد اللبنانيين حول مصير مشترك”.

وأضاف: “إذا نجحنا في هذه التحوّلات، سيستعيد لبنان رسالته التاريخية كجسرٍ بين الشرق والغرب، وفضاءٍ للحوار والإبداع، ونموذجٍ للتعددية والصمود في منطقةٍ مأزومة”.

وقد لاقى المؤتمر تفاعلًا واسعًا من الحضور، الذين نوّهوا بوضوح الطرح وأهمية إعادة النقاش حول إعادة بناء الدولة اللبنانية على أسس السيادة والإصلاح والمواطنة.

متعلقات